انتهاكات الجنجويد فى عملية فض الاعتصام ومجزرة 29 رمضان 3يونيو
+ القطاع الأمني يشمل الجيش والشرطة والأمن.
+ العقيدة القتالية يجب أن يتصدرها حماية المواطن والحفاظ على
أمنه وكرامته ويجب تعريف العلاقة معه.
+ إعادة هيكلة القطاع الأمني قضية لا تعني حركات الكفاح المسلح
وحدها.
+ لايخضع القطاع الأمني لسلطات الحزب الحاكم بل للوطن كله وفق
الدستور والقوانين واللوائح.
+ شهدت أفريقيا (296) انقلاباً بين ناجح وفاشل من العام 1946م
حتي 2004م، وكان نصيب السودان لوحده (25) انقلاباً.
من خلال ما شاهدناه من انتهاكات قامت بها قوات مشتركة من الدعم
السريع والجيش والشرطة والأمن في فض اعتصام القيادة العامة في الثالث من يونيو
المنصرم والتي كانت مروعة لحد بعيد، وهذه الجرائم كما قلنا هي امتداد لانتهاكات
كثيرة حدثت في ريف البلاد طيلة فترة النظام المخلوع وغيره من الأنظمة منذ
الاستقلال، استهدُف بها مواطنو البلاد في كل أقاليم السودان من الجنوب وجبال
النوبة والنيل الأزرق ودارفور وشرقها وغيرها.
هذا الممارسة التي تقوم بها القوات الأمنية بتلك الروح الانتقامية
تطرح تساؤلات مهمة تحتاج لنقاش وإجابات واضحة في مرحلة البناء الحالية التي نشهدها
ونمر بها كواحدة من أجندة التغيير، والتساؤلات نوجزها في الآتي:
+ كيف يرى قادة هؤلاء الجيوش للمواطن السوداني؟
+ كيف يصفون العلاقة بينهم كقوات أمنية وبين المواطن الأعزل؟.
+ من الذي يقوم بتغذية هؤلاء الجنود بهذه الروح الانتقامية التي
شهدناها؟ ومن أين يستمدونها؟.
+ هل هذه الروح العدائية التي يتعاملون بها مع أبناء الوطن والتي
تُملَى على هؤلاء الجنود كما رأيناهم ينفذونها هل هي مكتوبة في أي من اللوائح أو
القوانين أو دستور البلاد؟ ومن الذي وضعها ويشرف عليها؟.
+ هذه الروح العدائية و الانتقامية إذا لم تكن موجودة في اللوائح
والقوانين والدستور فهل هي خاضعة لمزاج القادة أو الضباط وأهوائهم الشخصية؟.
+ من يحاسب هؤلاء القادة والجنود ويردعهم عن هذه الانتهاكات
المتجاوزة لسلطاتهم؟.
+ كيف يمكننا منع تكرار ماحدث أمام القيادة وما حدث أيضاً في ريف
البلاد طيلة عقود الحروب الماضية؟
+ هل يمكن بناء قطاع أمني بشكل جديد يحفظ سلطة القانون وفي نفس
الوقت يمثل المواطنين ويحمي حقوقهم ويصون كرامتهم وممتلكاتهم؟
وسؤال مهم نطرحه أيضاً كيف يمكن بناء الثقة بين المؤسسة الأمنية
والمواطنين في كل أرجاء البلاد؟.
(1) المعروف أن منسوبو هذه القوات (قادة وجنود) هم أبناء هذا الشعب
تربوا في بيوته بقيمه وبعاداته وتقاليده، جعل لهم الدستور وأعراف الدول الحق في
امتلاك وسائل العنف (السلاح) ليست كسلطة مطلقة بل لغايات محددة منها حماية حدود
البلاد ومصالحه ومواطنه ومملكاته وكذلك حفظ النظام والقانون ودرء المهددات
والأخطار التي تواجه مواطني الدولة والمساعدة في الكوارث الطبيعية وغيرها وكذلك
معنية كأجهزة لحفظ النظام وإنفاذ سلطة القانون.
(2) يجب أن يحس ويعلم منسوبو المؤسسات الأمنية بانهم من أجل هذا
المواطن وهمومه، حتى يشعر المواطن بالأمان والاطمئنان عندهم وليس الرعب والإرهاب
جراء التعامل الوحشي كأنهم يتعاملون مع جيوش بربرية غريبة وغازية لهم و محتلة
لبلدانهم.
(3) فليعلم منسوبو المؤسسة الامنية أيضاً أن هؤلاء المواطنين
أنفسهم هم من يقومون بطريقة مباشرة او غير مباشرة بتحمل تكاليف عمل هذه القوات
الأمنية لتقوم هذه المؤسسات بعملها، من تسليح وتجنيد وتدريب ودفع الرواتب وتشغيل
هذه المؤسسات ومن حر ماله عبر دفعه للضرائب أو من موارد هذه البلاد التي هو مالكها
الأول.
(4) ولاء هذه الجيوش والقوات يجب أن يكون للمواطن ولحماية حقوقه
وحفظ كرامته ومصالحه وفق الدستور والقانون وليس للنظام القائم وأفراد الحزب الحاكم
ولأيدلوجية معينة، فمعرفة الجندي والقادة لهذه العلاقة والتي تتميز بالحقوق من جهة
والواجبات من جهة اخرى تجعله في موقع مسؤول حتى من تعليمات قائده إذا تجاوز تلك
الحدود، وهذا ما يجب أن نعمل عليه ونرسخه في أذهان هؤلاء الجنود والقادة أيضاً بل
في كل المؤسسة الأمنية.
(5) الجيوش الوطنية في تشكلها وتعاملها ليست كالجيوش التي تشكلت
وورثت كمؤسسات بعد خروج المستعمر، فالأولى هي التي جاءت من أبناء الوطن ووفق
التوافق الوطني الذي توصلوا إليه والميثاق الذي يعيشون عليه في بلدهم والمبوب في
الدستور باختصار يعني جيش صنع بيدهم ولخدمتهم وحمايتهم، ولكن الجيوش أو المؤسسات
الأمنية التي ورثت من سلطات الاستعمار والتي لم يجري عليها أي تعديل بعد الاستقلال
تقوم بحماية السلطة الحاكمة ولا تلقِ بالاً للمواطن ولا حقوقه ولا مصالحه، بل ترى
أنه من الخطأ بمكان أن يعارض المواطن السلطة القائمة، لذلك وقعت هذه القوات في
الدول غير الديمقراطية في فخ الحروب الداخلية والانقلابات والصراعات الدموية العنيفة
بين أبناء الوطن الواحد واستغلت ايضا كأداة تسببت في تغيير تركيبة وجغرافيا تلك
البلدان وكانت سبباً في إقعادها عن التقدم.
(6) سيطرت هذه القوات أيضاً على الحكم لفترات طويلة منذ استقلال
تلك البلدان عبر انقلابات دموية راح ضحيتها الآلاف من الضحايا، ففي أفريقيا وحدها
(حسب دراسة الغلوبال تريند) حدث نحو (296) انقلاباً صنف بين ناجح وفاشل من العام
1946- 2004م فقط، استغل أفراد هذه المؤسسات امتلاكهم للسلاح ووسائل العنف وأيضاً
نتيجة لعدم تعريف العلاقة بينهم والمواطن ودورهم في الدولة وكذلك للاستغلال الذي
تعرضوا له من قبل بعض الأحزاب والايدلوجيات ومن القادة والزعماء المدنيين الدينيين
والإثنيين، مما أضاف أزمة لهذه الدول في نظام الحكم بالإضافة للأزمات التي كانت
تعانيها من قبل مثل نهب الموارد وتفكك العلاقات الاجتماعية وضعف مؤسسات الحكم
الأخرى نتاج حكم المستعمر والتي لم تتعافى منها حتى اليوم.
(7) تظهر الحاجة اليوم أكثر إلحاحاً بعد التجارب التي مررنا بها
خلال حكم الإنقاذ التي فككت واوهنت تلك المؤسسة الامنية وأيضاً من خلال التجارب
التي مرت بها شعوب غيرنا تظهر الحاجة لإعادة هيكلة القطاع الأمني وتخليصه من
التدخلات التي ظل يعانيها والاختراقات التي تعرض لها، من أجل بناء مؤسسة أمنية
مهنية قوية تعبر عن مصالح شعبنا وتعكس تنوعه وتركيبته الحقيقية.
(8) أيضاً نتيجة للازمة السياسية لنظام الحكم نجد أنه تكونت في هذه
الدول وخاصة بلادنا جيوش وجماعات مسلحة تقع خارج سيطرة الدولة بخلفيات وأهداف
سياسية وايدلوجية وأخرى إثنية ودينية، مما تسببت هي بدورها في نقل الصراع السياسي
من طوره السلمي إلى المسلح، وتسبب في تعميق الأزمة وزادت من حدة الاستقطاب أيضاً،
لذلك تحتاج هذه القضية لمعالجة جوهرية ضمن اعادة هيكلة واصلاح القطاع الامني وفي
هذه الأجواء السياسية التي تمر في بلادنا، ولا فرصة مناسبة غير الآن.
وأخيراً إن عملية إعادة الهيكلة والإصلاح التي نتحدث عنها للقطاع
الأمني لاتعني بأي شكل من الأشكال حل هذه المؤسسات والاستغناء عنها وطرد منسوبيها،
بل تتمثل العملية في إعادة تعريفها بدورها وحمايتها من الاختراق والاختطاف الحزبي
والايديولوجي والإثني وتعريف العلاقة بينها وبين المواطن ووضع ذلك في دستور البلاد
الدائم وقوانينه ولوائحه الخاصة بتلك المؤسسات، ودمج بقية الجيوش في الجيش الوطني
المهني الجديد الذي له عقيدة قتالية جديدة، ويشمل ذلك كل مؤسسات القطاع الأمني
الاخرى.
ومن المهم أن نذكر ان عملية إعادة الهيكلة وإصلاح المؤسسات الأمنية
هذه تتم بمشاركة الجميع وبدون إقصاء لأي أحد بمافيهم قادة هذه القوات وقادة وممثلي
حركات الكفاح المسلح وممثلي الأحزاب وفئات المجتمع المعنية والمختصة الأخرى.
مبارك أردول
12 يوليو 2019م
من المنفى الإجباري
12 يوليو 2019م
من المنفى الإجباري