السودان: مطلوب تحرك دولي عاجل لحماية المدنيين ومنع المزيد من الفظائع في الفاشر

الصفحة الرئيسية


 

ترجمة غير رسمية

باريس-كمبالا، 30 أكتوبر/تشرين الأول 2025. يُعرب الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان (FIDH)، إلى جانب منظماته الأعضاء في السودان (SHRM وACJPS)، بالإضافة إلى منظمات أعضاء أخرى موقعة أدناه من جميع أنحاء أفريقيا والمنطقة العربية، عن قلقه البالغ إزاء سقوط الفاشر في أيدي قوات الدعم السريع في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2025، والذي يُمثل تصعيدًا كارثيًا في الصراع الدائر في السودان. بعد حصار دام 18 شهرًا، والذي خلّف مئات الآلاف من المدنيين محاصرين، يتضورون جوعًا، ويتعرضون لهجمات لا هوادة فيها، أثار الاستيلاء على المدينة فظائع واسعة النطاق، وأثار مخاوف ملحة بشأن عمليات القتل الجماعي والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية.

مدينة تحت الحصار: ١٨ شهرًا من العنف المدمر

تعاني الفاشر، عاصمة شمال دارفور وآخر معاقل القوات المسلحة السودانية في دارفور، من حصار وحشي فرضته قوات الدعم السريع منذ مايو ٢٠٢٤. وقد أدى هذا الحصار إلى قطع جميع سبل الوصول الإنساني لأكثر من عام، تاركًا ما يقرب من ٢٦٠ ألف مدني - نصفهم من الأطفال - محاصرين دون طعام أو مياه نظيفة أو رعاية طبية أو أمان. ولم يتمكن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من إيصال المساعدات الغذائية برًا لأكثر من عام، حيث ارتفعت تكلفة المواد الغذائية الأساسية بنسبة تصل إلى ٤٦٠٪ مقارنةً بمناطق أخرى من السودان.

وثّق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ما يُقدر بـ ١٨٥٠ حالة وفاة بين المدنيين في شمال دارفور من بداية عام ٢٠٢٥ إلى ٢٠ أكتوبر، منها حوالي ١٣٥٠ حالة وفاة في الفاشر. ويُعتبر هذا الرقم أقل بكثير من العدد الحقيقي بسبب انقطاع الاتصالات وصعوبة الوصول الميداني. في أكتوبر/تشرين الأول وحده، قُتل ما لا يقل عن 115 مدنياً وجُرح 102 آخرون في ست هجمات على المدينة المحاصرة، من بينهم 17 طفلاً.

أدلة على الفظائع الجماعية والتطهير العرقي 

منذ سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر في 26 أكتوبر/تشرين الأول، وردت تقارير موثوقة عن فظائع واسعة النطاق، شملت إعدامات بإجراءات موجزة، ومداهمات من منزل إلى منزل، وهجمات على المدنيين الفارين عبر طرق الفرار، وعقبات تمنع المدنيين من الوصول إلى بر الأمان. وقد وجد مختبر الأبحاث الإنسانية التابع لكلية ييل للصحة العامة أدلةً تتفق مع قيام قوات الدعم السريع بعمليات قتل جماعي في المدينة، حيث كشف تحليل صور الأقمار الصناعية عن وجود أجسام تشبه الجثث البشرية بالقرب من مركبات قوات الدعم السريع، وبقع حمراء على الأرض تبين أنها دماء ناجمة عن عمليات القتل. وتُظهر الصور مركبات قوات الدعم السريع منتشرة في تشكيلات تكتيكية تتوافق مع عمليات التطهير من منزل إلى منزل. إن قيام أفراد قوات الدعم السريع بتوثيق جرائمهم ونشرها علناً على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر تجاهلاً عميقاً للقانون الدولي وشعوراً راسخاً بالإفلات من العقاب.

بالتوازي مع الأحداث المتلاحقة في الفاشر، شنّت قوات الدعم السريع هجماتٍ قاتلة ضد المدنيين في بارا، ولاية شمال كردفان، في الفترة من 25 إلى 27 أكتوبر/تشرين الأول 2025، مباشرةً بعد انسحاب القوات المسلحة السودانية. وقعت هذه الأحداث وسط انقطاعٍ تامٍّ للاتصالات، مما حال دون التحقق الكامل من حجم الفظائع، ومكّن من ارتكاب إعداماتٍ جماعية استهدفت المدنيين العُزّل، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، إلى جانب أعمال نهبٍ وتعذيبٍ واسعة النطاق. يُبرز كلا الحدثين نمطًا ممنهجًا من أساليب التطهير العرقي التي تنتهجها قوات الدعم السريع، والتي تمتد من دارفور إلى كردفان.

قال مساعد علي، المدير التنفيذي للمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام: "إن سقوط الفاشر، وكذلك المذبحة الأخيرة في بارا، يُمثلان فشلًا ذريعًا للمجتمع الدولي في حماية المدنيين ومنع الفظائع الجماعية، على الرغم من التحذيرات المتكررة من منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة والمراقبين المحليين". يجب وقف حملة التطهير العرقي الممنهجة التي تشنها قوات الدعم السريع في الفاشر فورًا. يواجه المدنيون المحاصرون في المدينة خطرًا وشيكًا بالقتل الجماعي والعنف الجنسي والتهجير القسري. يجب على المجتمع الدولي أن يتجاوز مجرد التصريحات المُعربة عن القلق إلى اتخاذ إجراءات ملموسة - بما في ذلك تدابير المساءلة والعقوبات وآليات حماية المدنيين على الأرض.

أفادت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأن مقاتلي قوات الدعم السريع ارتكبوا عمليات إعدام بإجراءات موجزة بحق مدنيين حاولوا الفرار من المدينة، مع وجود مؤشرات على وجود دوافع عرقية وراء عمليات القتل. وخلص مختبر ييل للأبحاث الإنسانية إلى أن "الفاشر، على ما يبدو، تشهد عملية تطهير عرقي ممنهجة ومتعمدة تستهدف الفور والزغاوة والبرتي وغيرهم من السكان غير العرب من خلال التهجير القسري والإعدام بإجراءات موجزة".

لا تزال التقارير تُفيد بوقوع عنف جنسي ضد النساء والفتيات على نطاق واسع، حيث أفادت الأمم المتحدة بأن عدد الأشخاص المعرضين لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي قد تضاعف ثلاث مرات ليصل إلى 12.1 مليون شخص في جميع أنحاء السودان. انهار آخر مستشفى للولادة في الفاشر، مما ترك أكثر من 6200 امرأة حامل محاصرات دون الحصول على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية المنقذة للحياة. وتعرضت المرافق الطبية للنهب والاستهداف في هجمات، مما أدى إلى تدميرها بالكامل.

تدمير البنية التحتية الأساسية للرعاية الصحية في المدينة.

خلفية

خلصت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان، في تقريرها الصادر في سبتمبر/أيلول 2025 بعنوان "حرب الفظائع"، إلى أن كلاً من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع مسؤولان عن هجمات مباشرة وواسعة النطاق ضد المدنيين وتدمير واسع النطاق للبنية التحتية الأساسية. ووجدت البعثة أن قوات الدعم السريع ارتكبت جرائم لا تُحصى ضد الإنسانية خلال حصار الفاشر، بما في ذلك القتل والتعذيب والاغتصاب والاستعباد الجنسي والتهجير القسري والاضطهاد على أسس عرقية وجندرية وسياسية.

استخدمت قوات الدعم السريع التجويع أسلوباً للحرب، وحرمت المدنيين من ضروريات بقائهم، وهو ما قد يرقى إلى جريمة الإبادة ضد الإنسانية. وحذر فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، من أن "خطر وقوع المزيد من الانتهاكات والفظائع واسعة النطاق ذات الدوافع العرقية في الفاشر يتزايد يوماً بعد يوم".

أدى الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، الذي اندلع في أبريل/نيسان 2023، إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم. فقد قُتل أكثر من 150 ألف شخص، وشُرد أكثر من 14 مليونًا، ويواجه أكثر من 25 مليونًا انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، مع تأكيد وجود مجاعة في مناطق متعددة.

صرح مجدي النعيم، المدير التنفيذي لـ SHRM: "ما نشهده في الفاشر ليس كارثة إنسانية فحسب، بل حملة إرهاب متعمدة ضد السكان المدنيين". وأضاف: "لقد استخدمت قوات الدعم السريع التجويع كسلاح حرب، ودمرت البنية التحتية المدنية بشكل ممنهج، وارتكبت فظائع واسعة النطاق، بما في ذلك الإعدامات بإجراءات موجزة والعنف الجنسي". 

دعوة للتحرك

تلقى المجتمع الدولي تحذيرات متكررة بشأن خطر وقوع فظائع جماعية في الفاشر طوال عام 2025. ورغم هذه التحذيرات، لم تكن الإجراءات الملموسة لمنع الكارثة الحالية كافية. الموقعون أدناه يناشدون المجتمع الدولي بشكل عاجل. تجدون البيان الكامل وأسماء الموقعين عليه  باللغة الإنجليزية في ملف PDF المرفق.

google-playkhamsatmostaqltradent