recent
أخرالاخبار

نص مذكرة التحالف الديمقراطي للمحامين التي تم تسليمها لبرلمان النظام

الصفحة الرئيسية

السادة/ رئيس وأعضاء الهيئة التشريعية القومية...
الموقرون،،،،،،،،،
الموضوع/ مذكرة بخصوص إعلان حالة الطوارئ.
منذ ديسمبر الماضي انتظمت البلاد حركة واسعة من الإحتجاجات التي تعبر عن رفض شعبي للسياسات التي تنتهجها الحكومة. هذا التعبير هو في واقع الأمر ممارسة لحق ديمقراطى ودستوري في الإحتجاج، وهو الحق الذي كفلته المجتمعات الديمقراطية منذ فجر نشوئها. فالحق في الإحتجاج هو أول مبدأ تضمنه العهد الأعظم Magna Carta في العام 1215، والذي يعتبر أول وثيقة حقوق في العصر الحديث.
إن السلطات الأمنية قد واجهت المحتجين السلميين على السياسات الحكومية بالعنف المفرط، والإعتقالات المخالفة للدستور، والقتل خارج مظلة القانون، وهو الأمر الذي لم يؤدي إلا لتأجيج الإحتجاجات والنفخ فى شعلتها، الشيء الذي أكد بأن الإحتجاجات وتصاعدها كل هذه المدة، تستند على أسباب موضوعية وحقيقية، تتعلق بفشل السياسات الحكومية، بإجماع شعبي على ذلك، مما كان يقتضي الإستجابة لمطالب المحتجين .
أثناء تلك الاحتجاجات، قامت السلطة التنفيذية بإعلان حالة الطوارئ لغير الأسباب التي أوردها الدستور في المادة 210، والتي اشترطت لإعلانها "حدوث أو قدوم أي خطر طارئ يهدد البلاد أو أي جزء منها، حرباً كان أو غزواً أو حصاراً أو كارثة طبيعية أو أوبئة، يهدد سلامتها أو اقتصادها". عليه.. فقد حدد الدستور ثلاثة مخاطر، مصدرها قوى خارجية، تتمثل في هجوم بصبغة عسكرية، إما حربا شاملة، أو تدخلا عسكريا، حصارا كان أم غزواً. والأخيران هما من مظاهر الحرب، فالحصار يعني منع وصول الأسلحة والبضائع إلى الدولة، أو خروجها منها، بإستخدام القوة المسلحة أو التهديد بإستخدامها، في حين أن الغزو هو دخول قوات أجنبية بقوة السلاح إلى إقليم الدولة. وقد أضاف الدستور لتلك المخاطر ذات المصدر الخارجي، خطرين مصدرهما الطبيعة، وهما: كارثة طبيعية أو وباء يهدد سلامة البلاد أو إقتصادها. ولعل المتفق عليه، أن أيا من الحالات الخمس لا تتوفر في الظروف التي تعيشها البلاد اليوم.
رغم السيد رئيس الجمهورية في خطابه المؤرخ 22/2 2019 تحدث عن الفساد والتدهور الإقتصادي كسبب لإعلان حالة الطوارئ، لكن من الواضح، أن النص الدستوري لم يجعل التدهور الإقتصادي سببا لإعلان حالة الطوارئ، إلا إذا تسببت فيه كارثة طبيعية أو أوبئة، وليس هنالك ما يدعو للقول بوجود أياً من ذلك قبل إعلان الطوارئ .
الثابت هو أن حالة الطوارئ، يجب أن تتسم أسبابها بالخطورة والفجائية، بما يتطلب إجراءات إستثنائية، وأن مسألة الفساد والتدهور الإقتصادي هي من المسائل التي لا تواجه بإعلان حالة الطوارئ، ما لم تكن نتاج كوارث طبيعية أو أوبئة، اذ تكفى فقط مواجهتها بالقوانين العادية، والمشاريع الإقتصادي، لكن ما رمت إليه السلطة التنفيذية في واقع الأمر من إعلان حالة الطوارئ، هو قمع الإحتجاجات السلمية، وهذا يظهر من إصدارها للأمرين الأول والثاني من أوامر الطوارئ وما تلاه من محاكمات، تناولت بالعقاب عددا من المحتجين، كاد أن يتجاوز الألف او يزيد، ويتضاعف ذلك العدد بشكل يومي بشكل يهدد النسيج المجتمعي ، ويدفع بالبلاد إلى هاوية العداء بين مكوناتها السياسية والمجتمعية، وهو بالضبط عكس ما ذكره رئيس الجمهورية كهدف له في خطاب 22/2/2019، حين ذكر " لقد ظل هدف تحقيق الإستقرار السياسي القائم علي الترا ضي والتوافق الوطني هدفا استراتيجيا .. سعينا لتحقيقه منذ فجر تولينا لمسئولية إدارة البلاد بإعتبار أن الإستقرار السياسي هو المدخل الحتمي والضروري لتحقيق الإستقرار الأمني والنمو الإقتصادي ." ولذلك نستطيع القول، بأن حالة الطوارئ لم توفر إلا غطاء لتوسيع دائرة قمع المحتجين بما يحول دون الالتفات لمطالبهم، الشيئ الذى اتاح بموجب تلك التوسعة،زيادة الغضب الشعبي جراء اقتحام المنازل وترويع الأسر وكشف سترهم بما يتنافى مع الدين والأخلاق والقيم السودانية.
تفعيل أوامر الطوارئ الخاصة بالتظاهر والتجميد غير المعلن لتلك المعنية بالمال والاقتصاد، يؤكد صحيح قولنا. إذ لم تشهد محاكم الطوارئ تقديم فأر سمين، ناهيك عن قط هزيل! رغم تصريحات المسؤلين المؤكدة على الدوام، أن حالة الطوارئ لم تعلن إلا بغرض حماية الاقتصاد الوطنى!
السادة/ رئيس وأعضاء الهيئة التشريعية القومية...
إن وثيقة الحقوق تعتبر قمة الدستور وهرمه،
ولما كانت أوامر الطوارئ قد لجأت إلى مصادرة بعض أحكام وثيقة الحقوق ، والإنتقاص من بعضها الآخر، رغم أن أحكام تلك الوثيقة يعتبر التقيد بها (واجب دستوري ودولي، إلا إذا تم إتخاذ قرار رئاسي بتعليقها متى ما توفر الداعي لذلك وفقاً لاحكام الدستور) ، ولعدم توفر تلك الدواعى كما أسلفنا، فإننا نذكر سيادتكم، إضافة إلى ذلك أيضا، أنه لم يصدر حتى هذهِ اللحظة، إعلان بتعليق أي من أحكام وثيقة الحقوق ، كما تتطلب المادة 211 (أ) من الدستور، وهي الوثيقة التي وصفها توماس جيفرسون بقوله أنها " هى تلك الحقوق التى يتمتع بها الشعب فى مواجهة أى حكومة فى العالم وهى حقوق لا يجوز لحكومة عادلة أن ترفضها".
لذلك، وبناء على ما ذكرناه عاليه، فإننا ندعوكم، لممارسة صلاحياتكم وسلطاتكم، بإنفاذ رغبة الشعب، حفاظا على المبادئ الدستورية وماتضمنته وثيقة الحقوق ، بأن ترفضوا المصادقة على حالة الطوارئ.
التحالف الديمقراطي للمحامين
الاثنين الموافق ١١ مارس ٢٠١٩م

google-playkhamsatmostaqltradent