الأوندولنق او البعاتى /بقلم محمد نياتو

،،
.
بين الحقيقة والخيال (من حكاوى الانجشو بجبال النوبة)
..قصة واقعية...
في عشرينات القرن الماضي عاش رجل إسمه تندوا ( هو والد المصارع الشهير ألبيد تندوا )... وكان لهذا الرجل عبد ( رقيق) أسماه آدم دربلة... وكان لتندوا هذا صبي مليح الصورة حسن المنظر أحبه كل من بالبيت وخاصة والدته وكان إسمها إليلي أكنق.
عاشت هذه الأسرة في حبور ونشأ الصبي والعبد المملوك معا ... إذ كانا في نفس العمر وكانا لايفترقان حتي شبا وصارا حديث الناس لحسن علاقتهما وجميل صورتهما....
ولكن لعب القدر دوره ... إذ توفي الفتي إبن تندوا فجأة إثر علة لم تمهله وحزنت الأسرة وخاصة والدته التي لم تصدق ماحدث أبدا ولم تتخيل أن تعيش بدون فلذة كبدها أبدا.
ومن شدة حبها لإبنها قررت (إليلي أكنق) الثكلي أمرا لم يخطر علي بال أحد من قبل.... إذ إنتحت بعبدها وصديق إبنها (آدم دربلة) جانبا وأعطته أمرا غريبا لتنفيذه لها.... إذ قالت له... هل تخاف إذا كلفتك بأمر فرد أن لا..
قالت... وحتي إذا كان هذا الأمر فيه موتك؟
قال... لا أبدا...
فقالت له... إعلم أن الميت يوم يدفن لايقضي ليلته تلك في قبره بل يخرج منه ويغادره في صورة وشكل يشبه الشخص المدفون... وأريدك اليوم وبعد أن يتم دفن إبني وصديق عمرك أن تختبئ جانبا ولاتغادر مع المشيعين حين يعودون بعد الدفن بل إبقي وإنتظر حلول الليل وحين يخرج إقبض عليه وآتني به .
خرج آدم دربلة يتبع جنازة صديقه مكلوما ومحتارا في نفس الوقت إذ كيف سينفذ أمر سيدته وأم صديقه... ورغم ذلك فهو كان عازما علي إتمام هذا الأمر.... كيف لا والأمر يتعلق بصديق صباه وأخيه التي لم تلده أمه.
غادر الناس بعد الدفن وكان الوقت عصرا فتظاهر آدم دربلة بأنه يساوي أطراف قبر حبيبه وحسبه الناس كذلك وتركوه قاصدين ديار الأحياء .. 
وما إن إبتعد الناس حتي إتخذ صاحبنا موضعا قريبا من القبر منتظر حلول الليل... وكان القمر بدرا يمكن للمرء رؤية حبات السمسم علي ضيائه... 
وعندما إنتصف الليل رأي آدم شيئا كالدخان يخرج من جهة قدمي الميت في القبر.... وتوالي الدخان في الإنبعاث ويتكاثف فوق القبر وآدم ينظر إليه غير متبين لشكله .... وبعد فترة توقف خروج الدخان ولكنه تكاثف فوق القبر متخذا صورة صديقه.
وظلت الصورة تتكامل حتي إكتملت فصارت طبق الأصل لصديقه ولكن كان بها شئ غريب... إذ كان هذا المخلوق تظهر عليه علامات الخمول الشديد...
ونواصل غدا بإذن الله...

... واقعة حقيقية...
ذكرنا بالأمس أن دخانا إنبعث من القبر وتكاثف متخذا هيئة آدمي ولكنه كان خائر القوي لايكاد يقدر علي الحراك كطفل حديث الولادة.
ظل آدم دربلة ينظر لهذا المخلوق من مخبأه ويتحين الفرصة للإنقضاض عليه حين يكتمل شكله وفجأة سمع صوتا بعيدا آتيا من السماء كحفيف أوراق الأشجار حين يحركها الهواء.
وبعد فترة نزل شئ ضخم حجمه بين الإنسان والجمل ويشبه الصقر لأن له جناحان ملونا الريش بكل الألوان.... وتفحصه آدم وعرفه بأنه ذلك المخلوق الذي سمع عنه والذي تسميه الأونشو أريندوا كتو ( الطواف) وهو من اسرع المخلوقات الطائرة علي الإطلاق ويضرب بها المثل في السرعة فتقول الأونشو ... كتو كيلي ( بفتح وتشديد الكاف و فتح التاء)... كناية عن السرعة ويشبه مثل العرب حين تقول... الغزال لل ...للشئ السريع.
هبط هذا الأريندوا كتو بالقرب من الجسد الهامد وبدأ في تحريك جناحيه كأنما يحرك الهواء لتبريد أو تجفيف ذاك الجسد الهامد فظنه آدم أنه يريد إفتراسه وأكله فهجم علي الطائر يريد إبعاده دون وجل ولكن ... شتان مابين الحجمين وقواهما... فقد طرحه الطائر بجناحه أرضا فقام آدم بمحاولة أخري فقذفه الطائر بضربة أخري من جناحه الضخم بعيدا.... ومازال الأثنان يعتركان حتي خارت قوي صاحبنا آدم دربلة ولم يستطع الوقوف أمام هذا المخلوق العجيب فرقد ينظر فإذا بجسد صاحبه الملقي فوق القبر وتحت الطائر الضخم يثب واقفا ثم يبتعد وآدم ينادي عليه بصوت لايكاد يبان من شدة الإنهاك والجهد الذي يعانيه إثر عراكه مع الطائر الطواف الضخم الذي لم يدم طويلا بعد إبتعاد المبعوث من القبر حيث طار مخلفا وراءه عاصفة من الغبار بجناحيه نحو السماء.
ظل آدم في مكانه دون حراك حتي أشرقت الشمس فجاء نفر من الناس باحثين عنه فوجدوه بادئ الأعياء لا يكاد يحرك ساكنا فحملوه وعادوا به للمنزل..
وبعد ثلاثة من الأشهر إستطاع آدم دربلة التحدث والنطق كطفل يتعلم مبادئ الكلام وبدأ يحرك قدميه بجهد متعلما المشي... ولكنه ظل يتصرف كالأطفال القصر حتي مماته في العام .... 1952 .... وقد أخبرني قصته تلك أحد معاصريه فذكر أن آدم رغم علته تلك ظل ملازما لوالدة صديقه حتي أصبحت عجوزا فكان يجلب لها الماء ويطبخ لها الطعام وظل علي وفائه لصداقته لإبنها الفقيد ولم تعيقه تلك العلة عن أداء واجبه نحو أسرته التي لم يعرف سواها رغم عبوديته...
وصباحكم زين.


Share on Google Plus

عن المدون gazalysidewalk.com

هنا نبذة عن المدون ""
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 comments:

إرسال تعليق